في محاضرة اليوم واصلنا حديثنا عن الحق العاشر (حق الصلاة) في إطار شرحنا لرسالة الحقوق للإمام علي بن الحسين (عليهما السلام)، حيث انتهى بنا الحديث إلى الإضاءة الثانية المتعلقة بهذا الحق وهي فضل الصلاة وأهميتها. كنا قد استعرضنا العديد من الآيات الكريمة والروايات الشريفة التي تنص على فضل الصلاة وأهميتها، ونكمل هنا بعضها:
عن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): "إذا كان يوم القيامة يدعى بالعبد فأول شيء يسأل عنه الصلاة، فإن جاء بها تامة وإلا زج به في النار".
في فقه الرضا قال (عليه السلام): "للمصلي ثلاث خصال: يتناثر عليه البر من أعنان السماء إلى مفرق رأسه، وتحف به الملائكة من موضع قدميه إلى عنان السماء، وينادي مناد لو يعلم المصلي ماله في الصلاة من الفضل والكرامة ما انفتل منها، ولو يعلم المناجي لمن يناجي ما انفتل، وإذا أحرم العبد في صلاته أقبل الله عليه بوجهه، ووكل به ملكا يلتقط القرآن من فيه التقاطا، فإن أعرض، أعرض الله عنه ووكله إلى الملك، فإن هو أقبل على صلاته بكليته رفعت صلاته كاملة، وإن سهى فيها بحديث النفس، نقص من صلاته بقدر ما سهى وغفل، ورفع من صلاته ما أقبل عليه منها، ولا يعطي الله القلب الغافل شيئا، وإنما جعلت النافلة لتكمل بها الفريضة".
عن أمير المؤمنين علي (عليه السلام): "فرض الله الإيمان تطهيرا من الشرك، والصلاة تنزيها عن الكبر".
ورد عن الإمام علي بن موسى الرضا (عليهما السلام) قوله في أسباب وجوب الصلاة: "إنها إقرار بالربوبية لله عز وجل، وخلع الأنداد، وقيام بين يدي الجبار جل جلاله بالذل والمسكنة والخضوع والاعتراف، والطلب للإقالة من سالف الذنوب، ووضع الوجه على الأرض كل يوم إعظاما لله عز وجل، وأن يكون ذاكرا غير ناسي ولا بطر، ويكون خاشعا متذللا راغبا طالبا للزيادة في الدين والدنيا، مع ما فيه من الإيجاب والمداومة على ذكر الله عز وجل بالليل والنهار لئلا ينسى العبد سيده ومدبره وخالقه فيبطر ويطغى، ويكون في ذكره لربه وقيامه بين يديه زجرا له عن المعاصي، ومانعا له عن أنواع الفساد".
الإضاءة الثالثة: المحافظة على الصلاة وهي على وجهين: الأول المداومة على الصلاة دون انقطاع، والثاني الالتزام بأوقاتها.
نورد هنا بعض الآيات التي تنص على ذلك: "وَالَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ يُؤْمِنُونَ بِهِ وَهُمْ عَلَىٰ صَلَاتِهِمْ يُحَافِظُونَ" الأنعام 92 "إِلَّا الْمُصَلِّينَ الَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلَاتِهِمْ دَائِمُونَ" المعارج ٢٢ "إِنَّ الصَّلَاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَوْقُوتًا" النساء ١٠٣
وقد ورد عن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وأهل بيته (عليهم السلام) العديد من الروايات التي تنص على هذا المعنى ومنها:
ورد في نهج البلاغة في كتاب أمير المؤمنين (عليه السلام) إلى محمد بن أبي بكر: "صل الصلاة لوقتها المؤقت لها، ولا تعجل وقتها لفراغ، ولا تؤخرها عن وقتها لاشتغال، واعلم أن كل شيء من عملك تبع لصلاتك". عن الإمام الصادق (عليه السلام) قال: "إن العبد إذا صلى لوقتها وحافظ عليها ارتفعت بيضاء نقية تقول: حفظتني حفظك الله، وإذا لم يصلها لوقتها ولم يحافظ عليها رجعت سوداء مظلمة تقول: ضيعتني ضيعك الله". وعن الإمام محمد الباقر (عليه السلام) قوله: "أيما مؤمن حافظ على الصلوات المفروضة فصلاها لوقتها، فليس هذا من الغافلين".
ونشير هنا إلى بعض الحالات التي يفضل أو يسمح بها تأخير الصلاة عن وقت فضيلتها، منها ( أداء النوافل قبل الفرائض، عند الإفاضة من عرفات تؤخر صلاة المغرب ريثما يصل الحاج إلى المشعر الحرام لأدائها، قضاء الصلاة الواجبة لنفس اليوم يكون قبل أداء الفريضة، منها أيضا دخول وقت الصلاة عند الإحرام فيستحب أداء صلاة الإحرام قبل الفريضة، احتمالية الطهر عند النساء بعد الاستحاضة، وصول المسافر القريب من بلده، انتظار صلاة الجماعة، ويمكن أيضا تأخير الصلاة لمن ليس لديه حضور قلبي لحين استقراره نفسيا).