استعرضنا في المحاضرة السابقة وما قبلها الشواهد القرآنية عن آثار الصلاة في إطار الحديث عن الإضاءة الثامنة المتعلقة بالحق العاشر وهو حق الصلاة في رسالة الحقوق للإمام علي بن الحسين السجاد (عليه السلام)، ونستكمل في محاضرة اليوم بقية الشواهد القرآنية:الشاهد الثالث: "تِلْكَ آيَاتُ الْكِتَابِ الْحَكِيمِ، هُدًى وَرَحْمَةً لِّلْمُحْسِنِينَ، الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُم بِالْآخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ، أُولَٰئِكَ عَلَىٰ هُدًى مِّن رَّبِّهِمْ وَأُولَٰئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُون" لقمان ٨ وما بعدها يتبين من الآية آنفة الذكر:
🔹أن الإرشاد والهداية تكون على أساس الحكمة والرحمة، فبالحكمة والرحمة يمكن للإنسان أن يؤثر بالآخرين، وبغيرهما لا يمكن التأثير على الآخرين بل ويتفرق الناس من حوله كما يتبين من الآية أدناه: "فَبِمَا رَحْمَةٍ مِّنَ اللَّهِ لِنتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِين" آل عمران ١٥٩
🔹يذكر القرآن الكريم الهداية للمحسنين تارة وللمتقين تارة أخرى وبشرى للمؤمنين في موضع ثالث، وهذه هي المراحل التكاملية للهداية وهي الإيمان والبشارة والرحمة (الرأفة والشفقة)
🔹في غالبية الآيات الشريفة يأتي ذكر الصلاة مقترنا بالزكاة، لأن الصلاة جامعة لجميع الكمالات المعنوية ففيها الطهارة وقراءة القرآن والإقرار بالتوحيد والنبوة، والذكر، والدعاء، والسلام، والقيام والركوع والسجود والوفادة على الله، والزكاة جامعة للمعالجات المادية والاقتصادية مع ملاحظة أن الزكاة بمفهومها القرآني أوسع من مفهومها الفقهي.
🔹الهداية من الشؤون الربوبية.
الشاهد الرابع: " كَلَّا إِنَّ الْإِنسَانَ لَيَطْغَى، أَن رَّآهُ اسْتَغْنَىٰ، إِنَّ إِلَىٰ رَبِّكَ الرُّجْعَىٰ، أَرَأَيْتَ الَّذِي يَنْهَىٰ، عَبْدًا إِذَا صَلَّىٰ، أَرَأَيْتَ إِن كَانَ عَلَى الْهُدَىٰ" العلق - ٦ وما بعدها
🔹الطغيان والغرور قد يكون غرور سلطة "وَنَادَىٰ فِرْعَوْنُ فِي قَوْمِهِ قَالَ يَا قَوْمِ أَلَيْسَ لِي مُلْكُ مِصْرَ وَهَٰذِهِ الْأَنْهَارُ تَجْرِي مِن تَحْتِي" الزخرف - 51 وقد يكون غرور مال " قَالَ إِنَّمَا أُوتِيتُهُ عَلَى عِلْمٍ عِندِي" القصص - 78 وقد يكون غرور علم "وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ الَّذِي آتَيْنَاهُ آيَاتِنَا فَانسَلَخَ مِنْهَا فَأَتْبَعَهُ الشَّيْطَانُ فَكَانَ مِنَ الْغَاوِين" الأعراف - ١٧٥ فيما أن القرآن الكريم يذكر نماذج مغايرة أفاض الله سبحانه عليها السلطة والمال والعلم ولكنها خضعت لله ونسبت كل ما لديها إلي الله عز وجل كما هو الحال في سليمان ويوسف (عليهما وعلى نبينا وآله الصلاة والسلام) "فَلَمَّا رَآهُ مُسْتَقِرًّا عِندَهُ قَالَ هَٰذَا مِن فَضْلِ رَبِّي لِيَبْلُوَنِي أَأَشْكُرُ أَمْ أَكْفُر" النمل- ٤٠ "رَبِّ قَدْ آتَيْتَنِي مِنَ الْمُلْكِ وَعَلَّمْتَنِي مِن تَأْوِيلِ الْأَحَادِيثِ فَاطِرَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ أَنتَ وَلِيِّي فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ تَوَفَّنِي مُسْلِمًا وَأَلْحِقْنِي بِالصَّالِحِين" يوسف - ١٠١
🔹الصلاة مظهر العبودية لله تعالى والمنع منها من أوضح المنكرات والأمور السلبية.
🔹في الآية الشاهد لم يذكر القرآن الكريم من الذي نهى عن الصلاة ومن العبد الذي صلى وفي ذلك درس ورسالة مهمة وهي أن ننظر للفعل بصرف النظر عن صاحبه.