استكمالا لبحثنا في رسالة الحقوق للإمام علي بن الحسين السجاد (عليه السلام) ، حيث انتهى بنا الحديث عن الحق العاشر وهو حق الصلاة، ووصلنا إلى الإضاءة الثامنة من الإضاءات المتعلقة بهذا الحق وهي آثار الصلاة، وانتهينا إلى الأثر العاشر وهو المغفرة، وذكرنا بعض الشواهد القرآنية ونستكمل هنا بقية الشواهد :الشاهد الثالث : "إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ غَفُورٌ، إِنَّ الَّذِينَ يَتْلُونَ كِتَابَ اللَّهِ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَأَنفَقُوا مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ سِرًّا وَعَلَانِيَةً يَرْجُونَ تِجَارَةً لَّن تَبُور" فاطر - ٢٨ وما بعدها
وتعليقا على الآية الشريفة نقول:مصطلح العالم في القرآن الكريم يختلف عن معناه في غيره، ففي القرآن الكريم ينطبق اسم العالم على من يتأثر بعلمه ويصل إلى حالة البصيرة والحكمة أي العالم العامل، ومن صدق قوله فعله
عن عبد الله الصادق ( عليه السلام): " اطلبوا العلم وتزينوا معه بالحلم والوقار، وتواضعوا لمن تعلمونه العلم، وتواضعوا لمن طلبتم منه العلم، ولا تكونوا علماء جبارين فيذهب باطلكم بحقكم"
عن أمير المؤمنين علي (عليه السلام): "ألا أخبركم بالفقيه حق الفقيه؟ من لم يقنط الناس من رحمة الله، ولم يؤمنهم من عذاب الله، ولم يرخص لهم في معاصي الله، ولم يترك القرآن رغبة عنه إلى غيره، ألا لا خير في علم ليس فيه تفهم، ألا لا خير في قراءة ليس فيها تدبر، ألا لا خير في عبادة ليس فيها تفكر، وفي رواية أخرى: ألا لا خير في علم ليس فيه تفهم، ألا لا خير في قراءة ليس فيها تدبر، ألا لا خير في عبادة لا فقه فيها، ألا لا خير في نسك لا ورع فيه"
عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: كان أمير المؤمنين (عليه السلام) يقول: "يا طالب العلم إن للعالم ثلاث علامات: العلم والحلم والصمت، وللمتكلف ثلاث علامات: ينازع من فوقه بالمعصية، ويظلم من دونه بالغلبة، ويظاهر الظلمة"
سمات العلماء العاملين هي الخشية من الله عز وجل، وإقامة الصلاة، والإنفاق مما رزقوا المؤمن يطير بجناحي الخشية والرجاء والجمع بينهما مسألة مهمةتلاوة كتاب الله في الآية أعلاه بالفعل المضارع والذي يفيد التمسك والاستمرارية والأنس بالقرآن الكريم، بينما إقامة الصلاة والإنفاق جاء بالفعل الماضي يعني الحصول الأكيد والجزم، بمعنى أن التعلق بالعقيدة يؤدي إلى الالتزام الجازم والحازم. إن الانفاق بالسر أقرب إلى خلوص النية بينما الانفاق بالعلن يشجع الآخرين على العطاء. التجارة مع الله لن تبور لأن كل ما ننفقه من الله جل وعلا وهو يشتري ما أعطى. تثمين عمل الآخرين والصفح عن الثغرات والأخطاء منهج قرآني مهم .