نواصل شرحنا لرسالة الحقوق لسيدنا الإمام علي بن الحسين السجاد ( عليه السلام)، حيث انتهى بنا الحديث عن الحق العاشر ( حق الصلاة) إلى الإضاءة الثامنة ( آثار الصلاة) وإلى الآثر العاشر وهو المغفرة، وذكرنا العديد من الشواهد القرآنية المتعلقة بهذا الأثر .
الأثر الحادي عشر: نورانية الوجه
" مُّحَمَّدٌ رَّسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعًا سُجَّدًا يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِّنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا، سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِم مِّنْ أَثَرِ السُّجُودِ ذَٰلِكَ مَثَلُهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَمَثَلُهُمْ فِي الْإِنجِيلِ كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ فَآزَرَهُ فَاسْتَغْلَظَ فَاسْتَوَىٰ عَلَىٰ سُوقِهِ يُعْجِبُ الزُّرَّاعَ لِيَغِيظَ بِهِمُ الْكُفَّارَ ، وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ مِنْهُم مَّغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا" الفتح - ٢٩ ونستخلص من الأية الكريمة عدد من الدروس والإضاءات ١- تقديم القدوة الصالحة منهج إسلامي وإنساني لذا قدم القرآن الكريم الرسول الأعظم باعتباره القدوة الحسنة والصالحة٢- حددت الآية الشريفة نظام العلاقات في الإسلام، الشدة والغلظة والثبات عند التعامل مع الكفار، والرحمة والشفقة والعطف عند التعامل مع المؤمنين، والعبودية والخضوع والطاعة لله سبحانه.٣- التعامل مع الآخرين يجب أن يتم بدوافع إلهية وإيمانية، على أساس القيم والمثل لا على أسس ومعاير شخصية أو فئوية أو مناطقية و غيرها.٤- ضرورة إظهار مصاديق الإيمان على الإنسان كالصلاة وغيرها من العبادات، كما يجب أن تكون الصلاة دائمة ومستمرة وثابتة وقد ذُكر الركوع والسجود كونها من الأركان الأساسية للصلاة كما أنها تعبير عن حالة الخضوع لله سبحانه٥- الفضل يشمل النعم والإمكانات المادية، فيما أن الرضوان تشمل النعم الأخروية وقد ذكرها القرآن الكريم إذ أن الإنسان يبغي الأثنين معا.٦- هناك أوجه شبه عديدة بين الزرع والمجتمع، فالزرع يغرس تحت الأرض والعقيدة تنطلق من عمق الإنسان، كما أن الزرع يحتاج إلى بيئة ملائمة للنمو والمجتمع يحتاج إلى بيئة إيمانية تساعد الإنسان على التكامل وبالتالي صلاح المجتمع، الزرع ينمو بالتدريج والمجتمع يحتاج إلى تراكم قيمي وتاريخ كي يكون مجتمعا قويا ومتماسكا.٧- قوة المجتمع المستند إلى تاريخ عريق وحضارة وعقيدة راسخة يغيض الكفار .٨- قدم المغفرة على الأجر حيث أن دفع الضرر مقدم على المنفعة.
الأثر الثاني عشر: الولاية " إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُون" المائدة - ٥٥ أكدت التفاسير على أن هذه الآية نزلت بحق أمير المؤمنين علي (عليه السلام)، كما جاء الأمر الإلهي للرسول الأعظم (صلى الله عليه وآله وسلم ) بتبيان معنى الولاية " يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِين" المائدة - ٦٩ فبينها رسول الله في يوم غدير خم بحديث الغدير