في المحاضرة الرمضانية الأخيرة لهذا العام واصلنا الحديث عن الحق العاشر ( حق الصلاة ) في إطار شرحنا لرسالة الحقوق للإمام علي بن الحسين السجاد ( عليه السلام)، حيث انتهى بنا الحديث في المحاضرات السابقة إلى الإضاءة الثامنة المتعلقة بهذا الحق وهي ( آثار الصلاة) وقد وصلنا إلى الأثر الثاني عشر وهو الولاية، وكنا قد ذكرنا الآية 69 من سورة المائدة كشاهد على هذا الأثر، ونذكر هنا بعض الإضاءات حول الآية أعلاه :1- التولي والتبري ركنين أساسيين يبتني عليهما الإيمان.2- منهج الآية الشريفة أنها تذكر الصفة و لا تذكر الموصوف والمصداق وتترك للناس أن تستنج المصداق وذلك يكون أوقع وأبلغ. 3- كثيرا ما تأتي الصلاة مقرونة بالزكاة إلا في هذه الآية جاءت مدمجة مع الصلاة وفي ذلك درس أن فعل الخير يكون حتى في أثناء إقامة الصلاة دون الإتيان بما ينافيها.4- الولاية منحصرة بمن يقيم الصلاة ويأتي بالزكاة وهو راكع. الأثر الثالث عشر: التربية "وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ إِسْمَاعِيلَ إِنَّهُ كَانَ صَادِقَ الْوَعْدِ وَكَانَ رَسُولًا نَّبِيًّا، وَكَانَ يَأْمُرُ أَهْلَهُ بِالصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ وَكَانَ عِندَ رَبِّهِ مَرْضِيًّا" مريم 54-55في الآية مجموعة من الإضاءات والدروس نذكر منها :1- التوقير والتقدير وذكر المنجز منهج إسلامي وإنساني مهم يدفع الإنسان نحو المزيد من تحقيق المنجزات أو الثبات والرسوخ في المنهج لاسيما وأن هذا التقدير والتوقير في كتاب مبين وليس تقدير هامشي و عابر.2- التقدير ليس فقط في الأمور والقضايا المادية بل من المهم أن يكون بالأمور المعنوية والقيمية التي تستحق الاهتمام والاحتفاء بها والتي تعزز من مكانة الإنسان. 3- كل الأنبياء صادقين لكن إسماعيل بن حزقيل الموما إلية في الآية الكريمة تميز بالصدق نتيجة الظروف والحوادث التي بينت وبرزت صدقه بوضوح. 4- الإيفاء بالعهود والوعود قضية مهمة كثيرا ما يركز عليها القرآن الكريم في العديد من الآيات .. - عن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) أنه قال: "إن أفضل الصدقة صدقة اللسان، تحقن به الدماء، وتدفع به الكريهة، وتجر المنفعة إلى أخيك المسلم"، ثم قال (صلى الله عليه وآله وسلم) : "إن عابد بني إسرائيل الذي كان أعبدهم كان يسعى في حوائج الناس عند الملك، وإنه لقي إسماعيل بن حزقيل فقال: لا تبرح حتى أرجع إليك يا إسماعيل، فسها عنه عند الملك، فبقي إسماعيل إلى الحول هناك، فأنبت الله لإسماعيل عشبا فكان يأكل منه، وأجرى له عينا وأظله بغمام، فخرج الملك بعد ذلك إلى التنزه ومعه العابد فرأى إسماعيل فقال: إنك لههنا يا إسماعيل؟ فقال له: قلت: لا تبرح فلم أبرح، فسمي صادق الوعد، قال: وكان جبار مع الملك فقال:أيها الملك كذب هذا العبد، قد مررت بهذه البرية فلم أره ههنا، فقال له إسماعيل: إن كنت كاذبا فنزع الله صالح ما أعطاك، قال: فتناثرت أسنان الجبار، فقال الجبار: إني كذبت على هذا العبد الصالح، فاطلب أن يدعو الله أن يرد علي أسناني فإني شيخ كبير، فطلب إليه الملك فقال: إني أفعل، قال: الساعة؟ قال: لا، وأخره إلى السحر ثم دعا" -وأن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) " وعد بعض أصحابه بمكة أن ينتظره عند الكعبة حتى يرجع إليه فمضى الرجل لشأنه ونسي الأمر فبقي (صلى الله عليه وآله وسلم) ثلاثة أيام هناك ينتظره فاطلع بعض الناس عليه فأخبر الرجل بذلك فجاء واعتذر إليه وهذا مقام الصديقين لا يقولون إلا ما يفعلون"5- تقع على الإنسان مسؤولية هداية أهله لاسيما الأب تقع عليه مسؤولية كبيرة تجاه أولاده، ومن المهم أن يبدأ الإنسان بالأقربين عند الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر .