الحكيم #مشروع_الوطن
عمار العامري
غبت؛ ولكن بقيت ذكراك عالقة في ضمير العارفين بحقك, ليس لأنك زعيماً فحسب, أو قائداً أو رئيساً, إنما لأنك إنسان بما تعنيه كلمة الإنسانية من معانِ سامية, لأنك عالماً بما أراد الله تعالى إن يعلمك, ولأنك أباً وأخاً لكل من فقد الحنان, ولأنك وجدت لتكن علامة بارزة في ضياء الأفق.
حيث أنك الحكيم في كل الاشياء, والباقر في كل العلوم, والرائد في كل مقدم, عشت حياً, ورحلت حياً, وبقيت حياً في ذاكرة الشرفاء, فلم يكن الأول من شهر رجب يوماً لاستذكارك فقط, أنما كل يوم نقارع فيه الظلم والظالمين تكون أنت مداده, وكل ساعة يأبى أن يركع فيها المظلومين, تكون أنت الصيحة التي ترفض الذلة, والزلزال الذي يهز عروش الطواغيت.
كنت ركناً أساساً في مرجعية شاع صيتها في المعمورة, وواجهة أشد أمواج التطرف الفكري آنذاك, تقدمت لتكون من الأولين في قيادة التحرك السياسي, والحركة الإسلامية ليس في العراق فحسب, إنما في العالم الإسلامي بإسرى, تقلدت القيادة, فأصبحت المقدم بلا تفضيل, والأول بلا منازع, جالست العلماء, وعاصرت العظماء, ورافقت الفضلاء, فكان الإمام الحكيم معلمك الأول, فكيف لا تكون عالماً محتفى بك.
أصبح روح الله الخميني نبراساً لمشروعك, فكيف لا تكون على خطى الأمجاد ترسم منهجك, وعضدك أبا جعفر باقر الصدر يميناً له, فكيف لا تكون الساعد القوي للأمة, حملت مشعل العلم ولواء المعرفة لتخط منهاجاً سياسياً, عنوانه الحرية والعدالة والاستقلال, ترويه بشذى دماء الأبرار, إخوتك الأطهار, وصحبتك الأخيار, فقارعت المتكبرين والمتجبرين بسلاح الإيمان, حتى منحك الله ما تريد من سعادة الدارين.
صدحت حنجرتك بقولك, "نحن مع مراجعنا ونقبل أياديهم", فكنت حقاً طوع أرادة نائب الإمام الحجة عج, حتى اختارك الله لجواره شهيداً محتسباً, قد أديت الأمانة, واستكملت المسيرة, وسلمت الراية لخير وصي ونعم الوزير, فكنت عنوان لبقية السيف والشهادة, ومحامياً للمذهب, ومدافعاً عن حقوق أبناءه, إذ رفعت لواء المشروع الإسلامي, واصبحت أمل العراق وأبنه البار.
هكذا كان مسيرك على خطى الإسلام, الذي خطته أنامل الأنبياء, وذادت عنه سواعد الأوصياء, حملت روحك على كفك, عالماً بقضاء الله, ومؤمنً بقضاءه الذي كتبه لك, أسست مع قوة معاول التهديم؛ مشروعاً إسلامياً وطنياً, حسينياً حسنياً, فكرياً عقائدياً, سياسياً اجتماعياً, تجسدت فيه أصالة الوطن, وروح العقيدة, فحقاً يحمل أسمك "شهيد المحراب".