خاتمة المسيرة الطويلة
انور الحسيني
ستبقى دماء الشهداء، شعلة وضاءة تنير لنا طريق الحق, وقناديل تشع في سماء الحرية, بها تصان الاوطان, وتسترجع الحقوق الضائعة, وتُحفظ كرامة الشعوب ولولا تلك الدماء لما كانت الارض لأهلها. قال تعالى {ولئن قتلتم في سبيل الله او متم لمغفرة من الله ورحمة خير مما يرجعون}. وقال رسوله الاكرم (فوق كل ذي برٍ بر متى يقتل في سبيل الله فليس فوقه بر).. فمن يبذل نفسه دون القضية, ويضحي من اجل الدين, فهو لاشك ليس كسائر البشر, إنما من الاولياء الصالحين قد خصه الباري بهذه المنزلة, واكرمه فجعله شهيدا... السيد محمد باقر الطباطبائي الحسني الحكيم, والده السيد محسن الحكيم, المرجع الاعلى, وزعيم الطائفة في زمانه.. ولد الحكيم في العشرين من جمادي الاولى عام 1358 هجرية, الموافق للثامن من تموز عام 1939 ميلادية, في مدينة النجف الاشرف في العراق. نشأ وترعرع وسط عائلة علمائية معروفة على نطاق واسع في العراق, اشتهرت بالعلم والمعرفة, وقد ارفدته بالعلوم منذ نعومة اظفاره, درس وتتلمذ على ايدي كبار العلماء, حتى اصبح في العام 1964عالما مجتهدا.. كان من الداعين الى التمسك بالمرجعية والحوزة العلمية, حاثا الشباب لعدم الانتماء الى الاحزاب العلمانية, المحاربة للدين انذاك، وكانت له مواقف سياسية شجاعة, بعد الحملة الشعواء التي شنها النظام البعثي ضد الحركة الإسلامية ومجاهديها في العراق, مما ادى الى تعرضه للملاحقة والسجن والحكم عليه بالسجن المؤبد من قبل البعثيين, ثم اطلق سراحه بعد عفو عام. اعلن المواجهة والنضال ضد الحكم الصدامي، بعد اعدام الشهيد محمد باقر الصدر، وقدم السيد الحكيم العشرات من اسرته واقربائه, شهداء وقرابين, من اجل اعلاء كلمة الحق ورفع راية الاسلام المحمدي الحنيف, ورفع الظلم والجور عن ابناء العراق, ورفضا لزجهم في حروبٍ ظالمة وباطلة, وجعلهم حطبا لها. هاجر بداية ثمانينيات من القرن الماضي, وبدأ رحلته الجهادية من الخارج, مدافعا عن حقوق الشعب، ومطالبا المجتمع الدولي بالوقوف مع العراق وابنائه المضطهدين.. بعد سقوط النظام العام 2003 عاد الى بلاده, وكان في استقباله الملايين من ابناء الشعب, ثم استقر في مدينة النجف الاشرف, فأقام صلاة الجمعة في صحن امير المؤمنين (عليه وأله أفضل الصلوات) داعيا المجتمع للوحدة ونبذ الخلافات, وطالب بتشكيل حكومة وطنية ديمقراطية، تنصف المظلومين وتمنحهم حقوقهم.. كانت خاتمة تلك المسيرة الطويلة، من التضحيات الجسام والغربة والنضال، بعد استهدافه من قبل البعث التكفيري, فرحل السيد محمد باقر الحكيم، صائما محتسبا شهيدا في الاول من رجب, بعد مسيرة حافلة بالعلم والعطاء والجهاد، في حضرة جده امير المؤمنين وهو في المحراب فمضى الى ربه صابرا مظلوما كجده امير المؤمنين، فسلاما لروحك وجسدك ياشهيد العراق.#محمد_باقر_يومك_ماننساه#الأول_من_رجب#ملحمة_الرجال#من_الجسر_الى_الجسر